الكابيبارا (Capybara): القارض العملاق صديق البيئة والإنسان

بينما تسير على ضفاف نهر في غابات أمريكا الجنوبية، قد تصادف حيوانًا يبدو وكأنه خنزير بري صغير لكنه يسبح برشاقة وسط المياه! إنه الكابيبارا، أو كما يعرف في بعض البلدان باسم الكابيفارا (Capivara)، أكبر القوارض على وجه الأرض وأحد أكثر الحيوانات الاجتماعية والمحبوبة في عالم الحيوانات البرية والأليفة على حد سواء. بفضل طبيعته الودودة وقدرته المدهشة على التأقلم، أصبح الكابيبارا رمزًا للتوازن البيئي في موطنه الأصلي وأحد الحيوانات التي يزداد الإقبال على تربيتها حول العالم.
في هذا المقال البيطري، نستعرض كل ما يخص الكابيبارا: موطنه، بيولوجيته، تغذيته، أمراضه الشائعة، أهميته البيئية، وأسباب تزايد الاهتمام به عالميًا.
التعريف العلمي والموطن:
- الاسم الشائع: كابيبارا (Capybara)
- الاسم العلمي: Hydrochoerus hydrochaeris
- التصنيف:
- المملكة: الحيوانات
- الشعبة: الحبليات
- الطائفة: الثدييات
- الرتبة: القوارض (Rodentia)
- العائلة: Caviidae
- الموطن الطبيعي:
موطن الكابيبارا الأساسي هو أمريكا الجنوبية، خاصة السهول الفيضية، والغابات المدارية الرطبة في البرازيل، فنزويلا، كولومبيا، الأرجنتين، وبيرو. يفضل المناطق القريبة من المسطحات المائية كالأنهار والمستنقعات.

الخصائص الشكلية:
- الحجم: الطول 100–130 سم، الارتفاع عند الكتف 50–62 سم.
- الوزن: 35–65 كجم، وقد يصل في بعض الحالات إلى 80 كجم.
- الشكل: جسم أسطواني ضخم وأرجل قصيرة وأذنان صغيرتان وعينان عاليتان على جانبي الرأس.
- الفراء: بني فاتح إلى بني غامق، خشن نسبيًا.
- متوسط العمر: 6–10 سنوات في البرية، وقد يصل إلى 12 سنة في الأسر.
النظام الغذائي:
الكابيبارا من الحيوانات العاشبة، ويتغذى أساسًا على:
- الأعشاب الرطبة والنباتات المائية.
- أحيانًا القشور الطرية للنباتات والفواكه الساقطة.
- يقوم أحيانًا بـ أكل براز الصغار (coprophagy) للحصول على الفيتامينات والبكتيريا النافعة اللازمة للهضم.
يحتاج يوميًا إلى تناول كميات كبيرة من الأعشاب نظرًا لحجمه الكبير.

السلوك الاجتماعي:
- حيوان اجتماعي بامتياز؛ يعيش في مجموعات من 10–20 فردًا، وقد يصل العدد أحيانًا إلى 100.
- له نظام هرمي واضح تقوده ذكر مهيمن.
- يقضي وقتًا طويلاً في السباحة، وهو سبّاح بارع، وقد يبقى تحت الماء حتى 5 دقائق.
- يفضل النشاط عند الفجر والغروب (crepuscular).
الأهمية البيطرية والأمراض الشائعة:
الأمراض التي تصيب الكابيبارا:
- الطفيليات الداخلية والخارجية:
- الديدان المعوية (كالأسكاريس).
- الديدان الكبدية (Fasciola hepatica).
- القمل والقراد.
- الأمراض البكتيرية:
- اللولبية النحيفة (leptospirosis).
- السالمونيلا والتسمم الغذائي.
- داء الباستوريلات.
- الأمراض الفيروسية:
- الحمى الصفراء (في مناطق موبوءة).
- الأمراض المشتركة مع الإنسان:
- الكابيبارا قد يكون ناقلاً لبكتيريا Leptospira، ما يمثل خطرًا صحيًا عند التعامل مع لحومه أو مياهه الملوثة.
الرعاية البيطرية:
- تطعيمات دورية في الأسر ضد الأمراض المشتركة.
- علاج مضاد للطفيليات.
- فحص دوري للحالة العامة والأسنان (تنمو باستمرار).
الأهمية البيئية والاقتصادية:
- يلعب الكابيبارا دورًا بيئيًا مهمًا في الحفاظ على النباتات المائية وتوزيع البذور.
- مصدر بروتين للحوم في بعض المناطق الريفية في أمريكا الجنوبية.
- بدأ الاهتمام به كحيوان أليف في بعض البلدان بسبب سلوكه الوديع.

الاحتياطات عند التعامل مع الكابيبارا:
- ارتداء القفازات عند تنظيف أماكنه أو التعامل مع فضلاته.
- عدم لمس الجروح المكشوفة بعد ملامسته.
- تجنب أكل لحومه دون طهي كامل.
التعامل والرعاية
- تحتاج إلى مساحات واسعة وأحواض مياه.
- بيئة رطبة ودافئة شبيهة ببيئتها الطبيعية.
- نظام غذائي غني بالألياف.
- زيارات بيطرية دورية وفحوصات وقائية.
أهميته البيئية والإنسانية
- تحافظ على التوازن البيئي عبر تقليم النباتات المائية.
- مصدر رزق للصيادين في بعض المجتمعات، حيث يُستفاد من لحمها وجلده.
- كحيوان أليف، أصبحت رمزًا للهدوء والوداعة، وتنتشر تربيتها في حدائق الحيوان والمزارع وحتى المنازل في بعض الدول.
في أرقام:
الخاصية | القيمة |
---|---|
الطول | 100–130 سم |
الوزن | 35–65 كجم |
متوسط العمر | 6–10 سنوات |
حجم القطيع | 10–20 فرد |
فترة الحمل | 150 يومًا |
عدد الصغار/ولادة | 2–8 جراء |
هل الكابيبارا طعام للتماسيح؟ ولماذا لا يؤذونه أحيانًا؟
رغم أن الكابيبارا يعد فريسة طبيعية للتماسيح والكايمان (Caiman) في بيئته الأصلية في أمريكا الجنوبية، إلا أن هناك مقاطع فيديو شهيرة تُظهر الكابيبارا يسبح إلى جانب التماسيح أو يستريح بجوارها دون أن تتعرض له.
الحقيقة أن هذا السلوك له تفسير بيئي وسلوكي:
✅ الشبع والظروف البيئية: التماسيح من الحيوانات التي لا تصطاد إلا عند الجوع، وقد تبقى أيامًا أو أسابيع دون طعام إذا كانت ممتلئة.
✅ هدوء الكابيبارا: الكابيبارا يتميز بسلوكه الهادئ وغير المزعج، مما يجعله لا يثير غريزة الصيد عند التمساح في بعض الأحيان.
✅ التوازن الطبيعي: في مناطق معينة، قد يعيش التماسيح والكابيبارا في انسجام نسبي، حيث يحافظ كل منهما على توازن أعداد الآخر دون استنزاف.
لكن، بطبيعة الحال، يبقى الكابيبارا فريسة محتملة للتماسيح متى شعرت بالجوع أو الحاجة للصيد.
حقائق طريفة
✅ الكابيبارا سباح ماهر ويمكنه حبس أنفاسه تحت الماء حتى 5 دقائق!
✅ يتواصل مع أقرانه بصوت يشبه الصفير والخرخرة.
✅ رغم ضخامته، هو قريب وراثيًا من خنزير غينيا.
الخاتمة:
الكابيبارا هو درس حيّ في التكيف، والهدوء، والتعايش مع أقسى الظروف وحتى مع ألدّ أعدائه في الطبيعة. في عالم مليء بالصراع من أجل البقاء، يعلّمنا هذا المخلوق البديع أن الذكاء والسلوك الاجتماعي قد يكفلان البقاء أكثر من القوة نفسها. سواء أكنت عالمًا في البيولوجيا أو عاشقًا للطبيعة أو باحثًا عن الهدوء، سيبقى الكابيبارا رمزًا رائعًا للتوازن والانسجام مع الحياة.