مرض الكبد الوبائي في الكلاب: ما بين الأعراض الخفية وخطر العين الزرقاء.

🐶 الكبد… خط الدفاع الصامت
في عمق جسم الكلب، يعمل الكبد كمعمل متكامل ينقّي الدم، ينتج البروتينات، ويكسر السموم. لكن ماذا يحدث إذا أصابه فيروس مدمّر؟
التهاب الكبد الوبائي الفيروسي (Infectious Canine Hepatitis – ICH) مرض خطير تسببه سلالة شديدة العدوى من فيروس “Adenovirus type-1″، يصيب الكبد، الكلى، العينين، وحتى الجهاز العصبي، ويهدد حياة الكلب إذا لم يُشخّص ويُعالج مبكرًا.
🔬 ما هو فيروس CAV-1؟
CAV-1 هو فيروس DNA مزدوج السلسلة من فصيلة Adenoviridae، يختلف عن CAV-2 (المسؤول عن السعال). يدخل الجسم عن طريق الفم أو الأنف، ثم ينتقل عبر الدم ليصل إلى الكبد والأنسجة اللمفاوية، مُسببًا التهابًا حادًا وتدميرًا للخلايا الكبدية.
📌 طرق العدوى:
ينتقل الفيروس عبر:
- ملامسة بول أو براز كلب مصاب.
- أدوات ملوثة (أواني طعام، فرش، أرضيات).
- انتقال غير مباشر من بيئة ملوثة.
- لا ينتقل إلى الإنسان أو الحيوانات الأخرى مثل القطط.
⚠️ الأعراض الإكلينيكية:
المرحلة | الأعراض |
---|---|
مبكرة | ارتفاع حرارة – خمول – فقدان شهية – قيء – إسهال |
متوسطة | اصفرار اللثة والعينين (يرقان) – ألم بالبطن – تضخم الكبد |
متقدمة | نزيف (من اللثة أو البراز) – تورم العين (Blue Eye) – تشنجات أو خلل عصبي |

💡 معلومة هامة:
تضخم العين أو “العين الزرقاء” سببه التهاب في القرنية نتيجة تفاعل مناعي متأخر للفيروس.

🧪 كيف يتم التشخيص؟
- الفحص السريري: مبدئيًا بناءً على الأعراض.
- اختبارات الدم: ارتفاع إنزيمات الكبد – نقص كريات الدم البيضاء.
- اختبار PCR: لتأكيد وجود الفيروس.
- اختبار ELISA: للكشف عن الأجسام المضادة أو مستضدات الفيروس.
مدى انتشار التهاب الكبد الوبائي الكلبي في مصر والدول العربية والعالم
يُعد التهاب الكبد الوبائي الكلبي (CAV-1) مرضًا فيروسيًا شديد العدوى يصيب الكلاب، وقد تم تسجيل حالات منه في معظم أنحاء العالم منذ اكتشاف الفيروس لأول مرة في أربعينيات القرن الماضي. ورغم أن استخدام اللقاحات الفعّالة ساهم في تقليل نسب الإصابة بشكل كبير في الدول المتقدمة، فإن المرض لا يزال يُشكل تهديدًا في كثير من الدول ذات التغطية اللقاحية المنخفضة.
في مصر وبعض الدول العربية، لا توجد إحصاءات دقيقة وشاملة لحالات التهاب الكبد الوبائي في الكلاب، ولكن التقارير البيطرية الميدانية تشير إلى تواجده خاصة في المناطق الريفية أو بين الكلاب غير المحصنة، وخصوصًا في الكلاب البلدي أو تلك المستخدمة في الحراسة، حيث سجل المرض في عدة دول عربية كـ الأردن، العراق، والمغرب، خصوصًا في المناطق الريفية أو تلك ذات الكثافة الحيوانية العالية.
على المستوى العالمي، سجلت حالات من CAV-1 في أوروبا الشرقية، أمريكا اللاتينية، وأجزاء من آسيا وأفريقيا، وخاصة في المناطق التي تعاني من ضعف في الخدمات البيطرية أو نقص في الوعي بأهمية التحصين الروتيني. وفي المقابل، تراجع المرض كثيرًا في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية بفضل برامج التطعيم المنتظمة والرقابة البيطرية الصارمة.
اللافت أن انتشار المرض مرتبط ارتباطًا وثيقًا بمستوى الوعي لدى أصحاب الكلاب، ومدى الالتزام بجدول اللقاحات، لذا فإن جهود الوقاية المجتمعية والتثقيف البيطري تبقى خط الدفاع الأول ضد هذا الفيروس الغادر.
💉 العلاج: لا يوجد مضاد فيروسي مباشر، لكن…
- مضادات حيوية ثانوية: للوقاية من عدوى بكتيرية.
- مضادات قيء وإسهال: لحماية الجهاز الهضمي.
- محاليل وريدية: لتعويض الجفاف وتنظيم الإلكتروليتات.
- أدوية لدعم الكبد: مثل S-Adenosylmethionine وSilimarine.
- مضادات تجلط أحيانًا: في حالات النزيف الشديد.
- نقل بلازما: في الحالات المتقدمة.
🎯 المفتاح هو: التدخل السريع والدعم المكثف.
🛡️ الوقاية: التطعيم هو السلاح الأقوى
- يتم تطعيم الجراء ضد CAV-1 ضمن تطعيم الخماسي أو السباعي.
- أول جرعة تُعطى في سن 6–8 أسابيع.
- تليها جرعتان بفاصل 3–4 أسابيع.
- ثم جرعة سنوية لتعزيز المناعة.
كما يُنصح:
- بعزل الكلاب المريضة فورًا.
- بتطهير الأدوات والأسطح بمطهرات فعالة.
- بعدم التعامل مع الكلاب غير المحصنة في الأماكن العامة.
📝 وفقًا لجمعية الطب البيطري الأمريكية (AVMA):
“تطعيم الكلاب ضد فيروس الكبد الوبائي الفيروسي ضروري للحماية من مرض قد يكون قاتلًا حتى في الجراء الصغيرة.”
هل العين الزرقاء دائمًا دليل على ICH؟
ما يُعرف بـ “العين الزرقاء” هو التهاب في القرنية يُسبب تغيّمًا لونه أزرق، ويُعد علامة مميزة لعدوى CAV-1، لكنه قد يظهر أيضًا كمضاعفة نادرة بعد التطعيم بلقاح يحتوي على الفيروس الحي المضعّف.
📊 دراسة حالة:
في دراسة نشرت في Veterinary Microbiology عام 2019 (Vol. 237)، تم رصد تفشٍ للفيروس في ملجأ غير محصن، وُجد أن معدل الوفاة بلغ 60% في الكلاب المصابة، بينما الكلاب التي سبق تطعيمها لم تظهر عليها أعراض.
✨ الخاتمة: لا تستهين بالعدو الغادر!
مرض الكبد الوبائي في الكلاب مرض خطير قد يمر بأعراض خفية لكنه يترك أثرًا مدمرًا إن لم يُكتشف ويُعالج مبكرًا. الوقاية عبر التطعيم المنتظم، والنظافة، والتوعية المجتمعية تبقى الحصن الأول لحماية أصدقائنا الأوفياء من هذا الفيروس الغادر.