الفرّه في الدواجن: القاتل المتوحش في مزارع الدجاج

في عالم صناعة الدواجن، حيث تلعب كل تفصيلة دورًا مهمًا في الحفاظ على الإنتاج والجودة، يظل مرض “الفرّه” من أكثر الأمراض التي تُثير قلق المربين والأطباء البيطريين.
هذا المرض ليس شائع التسمية لدى غير المختصين، لكنه معروف جيدًا في أوساط التربية، ويُعد من أخطر المشكلات التي تواجه مزارع الدواجن، خصوصًا في المراحل الأولى من دورة التسمين.

يأتي مرض “الفره” ليضرب الجهاز العصبي للطائر فجأة، ويترك علامات مميزة على السلوك والحركة وحتى شكل الوقوف.
المشكلة أنه لا يُعتبر مرضًا واحدًا بعينه، بل هو عرض ناتج عن عدة مسببات قد تكون فيروسية أو بكتيرية أو تغذوية، مما يجعل تشخيصه صعبًا أحيانًا ويستلزم خبرة دقيقة.

في هذا المقال، نستعرض معًا كل ما تحتاج لمعرفته حول هذا المرض، من الأعراض والأسباب إلى طرق التشخيص والعلاج، مستندين إلى أحدث المراجع البيطرية والتجارب الحقلية.


ما هو مرض “الفرّه”؟

الفرّه أو “الشوطه” هو مصطلح شائع يُستخدم في مزارع الدواجن، ويُشير إلى حالة عصبية تصيب الدجاج، يظهر فيها الطائر وكأنه غير متوازن، يُحرك رأسه بشكل غير طبيعي، أو يفقد القدرة على الوقوف، ويحدث بعدها نافق كبير.

هل هو مرض بعينه؟

لا. “الفره” هو وصف لحالة عصبية قد تنتج عن:

  • عدوى فيروسية مثل مرض نيوكاسل أو الجمبورو أو الأنيميا الفيروسية.
  • نقص بعض الفيتامينات والمعادن، خاصة فيتامين B1 (الثيامين) أو فيتامين E والسيلينيوم.
  • تسممات غذائية أو معدنية.
  • مشاكل في النمو العصبي نتيجة عوامل وراثية أو سوء حضانة.

أهم الأعراض المميزة للفره

  • لفّ أو دوران الرأس.
  • ميل الرأس للجانب أو الخلف.
  • عدم القدرة على الوقوف أو المشي.
  • رجفة أو تشنجات.
  • فقدان الشهية.
  • توقف في النمو وضعف عام.
  • في الحالات المتقدمة: نفوق مفاجئ.

المسببات الرئيسية للفرّه

  1. الأمراض الفيروسية:
    • مرض نيوكاسل (Newcastle Disease): يسبب أعراضًا عصبية شديدة مثل دوران الرأس، الرعشة، وشلل الأطراف.
    • مرض الجمبورو (Gumboro): يضعف المناعة ويجعل الطائر عرضة لأمراض ثانوية تسبب أعراض عصبية.
    • فيروس الأنيميا (Chicken Anemia Virus): يؤدي إلى نقص الخلايا المناعية واضطرابات عصبية.
  2. نقص فيتامينات مهمة:
    • فيتامين B1 (الثيامين): نقصه يُسبب اضطرابات عصبية معروفة.
    • فيتامين E + سيلينيوم: نقصهما يسبب مرض “الصوص المجنون” واعتلال الدماغ.
  3. أسباب تغذوية أو سمية:
    • أعلاف متزنخة (مؤكسدة).
    • وجود سموم فطرية (mycotoxins).
    • خلل في نسب الكالسيوم والفوسفور.
    • ارتفاع نسبة الصوديوم في العلف أو الماء.

التشخيص: كيف نميّز الفره؟

  • الفحص السريري: ملاحظة الأعراض العصبية المميزة.
  • التاريخ المرضي: هل تلقّى الطائر تطعيمات؟ ما نوع العلف المستخدم؟
  • التحاليل المعملية:
    • اختبار PCR للأمراض الفيروسية.
    • تحليل مستويات الفيتامينات والمعادن.
    • فحص السموم الفطرية في العلف.
    • تشريح بعض الطيور النافقة.

طرق العلاج والتعامل مع الفره

  1. في الحالات البسيطة (نقص تغذوي):
    • إعطاء فيتامينات B-complex بتركيز عالٍ.
    • حقن فيتامين E + سيلينيوم.
    • تحسين جودة العلف.
  2. في حال الاشتباه في عدوى فيروسية:
    • رفع المناعة باستخدام مناشط مناعية طبيعية (مثل بيتا جلوكان – Echinacea).
    • تقليل التوتر والإجهاد في القطيع.
    • الالتزام ببروتوكول تحصين صارم.
  3. في حالات التسمم:
    • استخدام مضادات سموم فعالة تحتوي على جيل السيليكا + الكربون النشط.
    • تغيير العلف فورًا.

الوقاية خير من العلاج

  • الالتزام الجيد ببرامج التحصين.
  • توفير علف عالي الجودة من مصدر موثوق.
  • استخدام مضادات سموم بشكل دوري.
  • ضبط جودة المياه.
  • عزل الطيور المريضة فورًا.

مرض الفرّه في الدواجن ليس مجرد عرض بسيط، بل هو ناقوس خطر يُنذر بمشكلة داخل القطيع قد تكون خطيرة إذا أُهملت.
من خلال الفهم العميق للأعراض والمسببات، يمكننا التدخل السريع بالعلاج المناسب أو الوقاية الفعالة.
ولأن صناعة الدواجن لا تحتمل الخسائر، فإن الوعي بمرض مثل الفره قد يكون الفرق بين قطيع ناجح وآخر مهدد بالانهيار.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى