هل للحيوانات لغة خاصة بها؟

سؤال قد يتبادر إلى أذهان البعض ويتسائلونه ولا يستطيعون الوصول فيه الى نتيجة حاسمه ! هل للحيوانات والطيور لغة خاصة بهم؟ أم ما يصدر عنهم هي عبارة عن مجموعة من الأصوات الغير مفهومه والتي لا تشكل جمل صحيحه، وأنهم يتواصلون مع بعضهم البعض بالمشاعر والفرمونات والحركات أو ما يعرف بلغة الجسد، أو بحدة الأصوات التي تصدر عنهم مع تعبيرات الوجه.
قبل أن نجيب عن هذا التساؤل، دعونا نعلم أولا معنى اللغة.
اللغة تم تفسيرها كثيراً وبتعريفات لم تقتصر على علم اللغويات فقط، بل عرفها علم النفس وعلم الاجتماع وغيرها من العلوم الأخرى.
وتعرف اللغة اصطلاحاً بأنّها عبارة عن رموز صوتيّة لها نظم متوافقة في التراكيب، والألفاظ، والأصوات، وتُستخدم من أجل الاتصال والتواصل الاجتماعيّ والفردي.
اللغه هي وسيلة تواصل بين الأفراد، وهي قائمه على وحدات صوتيه تشتمل على دلالة، وتختلف من مجنمع إلى آخر . “مارتنيه”
اللغه تنظيم متماسك، وهي مرتبه بوسائل التعبير المشترك بين مجموعه متكلمين “أنطوان مييه”
اللغه هي واقع مكتسب واصطلاحي، وهي مؤسسة مجتمعية، وهي تنظيم من الاشارات المغاير “دوسوسير”
إن اللغه تنظيم من رموز صوتيه كيفيه , يتعاون بواسطتها أفراد مجتمع معين “بلوخ وتريجر”
هي أصوات يعبّر بها كلّ قوم عن أغراضهم. “ابن جني
اعلم أنّ اللغات كلها ملكات شبيهة بالصناعة إذ هي ملكات في اللسان للعبارة عن المعاني، وجودتها وقصورها بحسب تمام الملكة أو نقصانها، وليس ذلك بالنظر إلى المفردات، وإنما هو بالنظر إلى التراكيب. “ابن خلدون”
ألفاظ يعبر بها عن المسميات، وعن المعانى المراد إفهامها، ولكل أمة لغتهم “ابن حزم”
فاللغة هي تنظيم من الأصوات التي تصدر باللسان أو تنظيم من الإشارات بين أفراد مجتمع معين، للتواصل والتعبير عما يجول بخاطرهم، وهي واقع مكتسب وتختلف من مجتمع الى أخر.
فهل ثبت علمياً عن طريق الشواهد والإثباتات أياً مما سبق ينطبق على عالم الحيوانات والطيور، فالإجابة هي نعم، كل الحيوانات لها وسيلة التواصل فيما بينها، بل الأكثر من ذلك أن الحيوانات التي تعيش في مجتمع معين تختلف لغته عن مثيله الذي يعيش في مجتمع أخر بعيد عنه.
وقد ذٌكر الحيوان في القرآن الكريم في عدة مواضع، وثبت أن داود وسليمان عليهما السلام كانا يعرفان منطق الطير، قال تعالى
{وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علِّمنا منطق الطير} النمل : 16 ،
وقال
{قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون * فتبسم ضاحكًا من قولها} النمل : 18 ، 19 ،


وفى شأن الهدهد قال اللَّه {فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين } إلى أن قال {قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين } النمل : 22 ، 27 .
والشواهد كثيره جداً غير القرأن الكريم، وتحتاج فقط الى تدبر
وما بيوت النمل والنحل وتكوينها والتعامل بين أفراد مجتمعها وتوزيع المهام فيما بينهم الا باللغة
وما إرتفاع الطيور في السماء وطيرانها على شكل مجموعة منتظمه تهبط وتنخفض وتشكل حركات إبداعية الا بتواصل لغوي فيما بينهم
وما نباح كلاب الشوارع الا تواصل لغوي بين أفرادهم.
والكثير والكثير من الشواهد التي تؤكد أن للحيوان لغة خاصة به، ويأتي العلم ليؤكد ذلك بالإثباتات وبالقدر الذي إستوعبته عقولنا، ويوما بعد سنكتشف المزيد.
إختراع أجهزة ترجمه خاصة بلغة الكلب
هذه الإثباتات العلميه هي ما جعلت العلماء يقومون بإختراع أجهزة ترجمه خاصة بلغة الكلب، على إعتبار أنه أكثر الحيوانات الأليفة عدداً إرتباطاً بالإنسان، بعض هذه الأجهزه تعتمد في الأساس على إدخال البيانات والمعلومات من المربيين القدامى وأصحاب الأليف أنفسهم، فهم من يقومون بتسجيل الأصوات وتغذية جهاز معين تم إختراعه من قبل عدة شركات بالصوت والمقصد من هذا الصوت، وبجمع العديد والعديد من الداتا وتثبيت المعلومه المكرره من عدة مربيين تم التوصل إلى نتيجه الى حد ما مرضيه، وبعض هذه الأجهزه تعمل كمترجم من الطرفين صاحب الكلب والكلب، وبعضها يحول صوت الكلب ويترجمه إلى صوت بشري، وقد أظهر فيلم الكرتون الشهير UP هذه التقنيه الحديثة.

وهناك جهاز أخر يعتمد في الأساس على EEG وهو اختصر لكلمة (Electroencephalography)، وهو جهاز يقوم بقياس نشاط المخ عن طريق وضع سماعه على رأس الكلب، وسوف تلتقط موجات دماغه ، ثم تضع تلك الفحوصات بلغة إنجليزية بسيطة (أنا جائع ، أنا متعب ، من أنت؟)

دراسة كلب المروج أو كلب البراري (Prairie dogs)
تم رصد وثبت علمياً بأن هناك حيوانات تتحدث فيما بينهم، سأذكر منهم على سبيل المثال كلب المروج أو كلب البراري (Prairie dogs)، وهو نوع من القوارض يعيش في جحور في المناطق العشبية الواقعة غربي أمريكا الشمالية، وينتمي إلى فصيلة السنجاب، وقد سُميّ بهذا الاسم لتشابه صوته بصوت عواء الكلب، عندما يطلق نداء تحذيريا.

وقد قام سلوبودتشيكوف بدراستهم بحكم عمله مع كلاب البراري لفتؤه تزيد على ال 30 عاماً، فوجد أن كلاب البراري قادرة على صنع عدد من الصرير المختلف، والذي قد لا يلاحظ او يكتشف الشخص العادي الفرق بينهم، ولكن سلوبودتشيكوف قام بدراسة هذه الأصوات لعقود من الزمان وهو يعلم أن نباح كلب البراري يشكل في الواقع لغة معقدة للغاية.
ولاحظ سلوبودتشيكوف وفريقه البحثي أنه عندما تراقب كلاب البراري الباحثين، ستتغير أصواتهم، فقام الباحثون بتسجيل وتحليل النباح الذي صنعته كلاب البراري، بحثًا عن أنماط تتوافق مع الأحداث التي لوحظت في حقول كلاب البراري.
وتتكون لغة كلب البراري في الواقع من سلسلة من النغمات المختلفة بترددات وسرعات مختلفة، هذا يعني أن كلاب البراري لا تتحدث فقط عن نوع عام من الخطر، بل لديها في الواقع “كلمات” مختلفة للبشر وللذئب والصقور، ويمكن لكلاب البراري نقل قدر مذهل من التفاصيل حول الأشياء التي يرونها.
يقول سلوبوتشيكوف إنه يمكنهم قول أشياء مثل “هناك إنسان طويل يرتدي اللون الأحمر يقترب” و “هناك إنسان قصير يرتدي اللون الأزرق هناك”.
اكتشف Slobodchikoff وفريقه هذا من خلال وجود متطوعين مختلفين يسيرون في حقل كلاب البراري. كانوا جميعًا يرتدون نفس الملابس، باستثناء أنهم كانوا يرتدون قمصانًا مختلفة الألوان، سار كل متطوع في مجتمع كلاب البراري أربع مرات مختلفة، مرتديًا قمصانًا بألوان مختلفة، كانت أصوات كلاب البراري مختلفة عندما كانت ألوان القمصان مختلفة، لم يكن صرير كلاب البراري مختلفًا فقط عندما كانوا يرتدون قمصانًا مختلفة الألوان، بل كان مختلفًا أيضًا عندما كان الشخص الذي يسير في الحقل مختلفًا، وهل ما إذا كان يحمل بندقيه أم لا، ويشير هذا إلى أن كلاب البراري كانت في الواقع تلاحظ اختلافات حول المتطوع ، مثل ارتفاع الشخص ، بالإضافة إلى لون القميص الذي كانوا يرتدونه.
وتوصل سلوبودتشيكوف (Slobodchikoff) بعد أن قام بدراسة هذا الحيوان (كلب البراري) إلى أن الحيوانات يمكن أن يكون لها لغات معقدة، وقد دعمته دراسات أخرى حبث أجرى كلاوس زوبيربولر Zuberbühler)) وهو عالم الرئيسيات، بحثًا حول الصراخ والدعوات المختلفة التي تصنعها القرود التي تعيش في ساحل العاج بأفريقيا، وجد زوبيربولر وفريقه أن القرود لديها عبارات مميزة يمكن تعديلها عن طريق إضافة صوت “Ooo” أو إسقاطه ، فقد استخدموا بشكل أساسي اللواحق، تجمع القردة العبارات لتوصيل التعليمات لبعضها البعض. “تعال من هذا الطريق ، هناك نمر بالقرب منك!”
وهناك علماء آخرين يقولوا إن الحيوانات الأخرى تمتلك لغة قابلة للترجمة، وهناك إجماعًا علميًا متزايدًا على أن العديد من الحيوانات لديها على الأقل شكل من أشكال اللغة البسيطه، حيث تمتلك العديد من الطيور والنحل والأخطبوطات ومجموعة متنوعة من الثدييات الأخرى نوعًا من الوعي وطريقة لإيصال تجاربها للآخرين، تستطيع الحيوانات مثل الطائر المغرد الياباني العظيم (Japanese great tit songbird) استخدام مجموعات مختلفة من الملاحظات لتشجيع الطيور الأخرى على الاقتراب منها أو الابتعاد عنها، وحتى إخبار الطيور الأخرى بالبحث حولها بحثًا عن الخطر، يمكن حتى تعليم الرئيسيات الأخرى التواصل مع البشر من خلال لغة الإشارة.
وأخيراً، لقد نجح سلوبودتشيكوف وفريقه بالفعل في إنشاء أداة قادرة على تحويل نباح كلاب البراري إلى لغة يستطيع البشر تفسيرها، وإنه يعتقد أنه من الممكن صنع جهاز مشابه للجهاز الذي تم صنع للترجمه بين الكلب والإنسان، وهو بالفعل في صدد محاولة تطوير جهاز في الوقت الحالي في شركته مع زوبيربولر بعد أن جمعت الشركة قاعدة بيانات كبيرة تغطي لغة الجسد ونطق الكلاب، وسيتم تقديم كل هذه البيانات إلى خوارزمية التعلم الآلي التي ستنشئ بعد ذلك ارتباطات بين حركات الجسم / النطق واللغة الإنجليزية، وترجمة تواصل الحيوانات الأليفة إلى اللغة الإنجليزية في نهاية العملية.
طرق التواصل في عالم الحيوانات
1. التواصل الصوتي
تستخدم الحيوانات الأصوات لنقل الإشارات والتحذيرات، ومن الأمثلة على ذلك:
- الطيور: لكل نوع من الطيور أغانيه الفريدة التي تساعده في جذب الشريك أو التحذير من الأخطار.
- الحيتان: تصدر الحيتان الحدباء أصواتًا معقدة تنتقل لمسافات طويلة عبر المحيطات.
- الذئاب: تعتمد الذئاب على العواء للحفاظ على تماسك القطيع أثناء الصيد.
2. لغة الجسد والتواصل البصري
تلعب الحركات والإيماءات دورًا أساسيًا في تواصل الحيوانات، مثل:
- الكلاب: تعبر عن مشاعرها عبر تحريك ذيولها أو اتخاذ وضعية منخفضة عند الشعور بالخوف.
- الأفيال: تستخدم آذانها وخرطومها للتعبير عن مشاعرها المختلفة.
- الأسود: التحديق في العيون يعتبر تحذيرًا قبل الهجوم.
3. التواصل الكيميائي (الفرمونات)
تعتمد بعض الحيوانات على الفرمونات، وهي مواد كيميائية تنقل رسائل محددة، مثل:
- النمل: يترك مسارات فرمونية لإرشاد أفراده إلى مصادر الغذاء.
- الغزلان: تفرز روائح خاصة لجذب الشريك خلال موسم التزاوج.
4. التواصل عبر الاهتزازات
تلجأ بعض الكائنات إلى استخدام الاهتزازات كوسيلة للتواصل:
- العناكب: تستشعر الاهتزازات في شبكاتها لتحديد موقع الفريسة.
- الأفيال: تمتلك قدرة على التقاط اهتزازات الأرض من خلال أقدامها، مما يساعدها على التواصل مع القطيع من مسافات بعيدة.
أهمية التواصل بين الحيوانات
يساهم التواصل في تحقيق العديد من الأهداف، منها:
- البحث عن الطعام: مثلما تفعل الذئاب عندما تعوي لجمع أفراد القطيع.
- الحماية من الأخطار: كما تفعل القرود بإطلاق صرخات تحذيرية عند اقتراب المفترسين.
- التزاوج والتكاثر: حيث تستخدم الطيور نداءاتها لجذب الشريك المناسب.
هل تعلم؟
- بعض الطيور، مثل الببغاوات، تمتلك قدرة استثنائية على تقليد أصوات البشر.
- يمكن للفيلة التعرف على أقرانها من خلال أصواتهم حتى بعد سنوات من الانفصال.
لكل نوع من الحيوانات وسيلته الفريدة في التواصل، ما يعكس تعقيد وتطور الحياة البرية. تساعد دراسة هذه الأساليب العلماء على فهم السلوك الحيواني بشكل أعمق، بل وتلهمهم لتطوير تقنيات جديدة مستوحاة من الطبيعة.
تعليق واحد