النعام: عملاق الصحراء الذي غزا المزارع

بينما تعود أصوله إلى صحارى إفريقيا القاحلة، أصبح النعام اليوم ضيفًا دائمًا في مزارع العالم من أقصاه إلى أقصاه. ليس لأنه طائر عملاق لا يطير فقط، بل لأنه كنز اقتصادي حقيقي يسير على قدمين! تخيل طائرًا يصل طوله إلى 2.7 متر، يركض بسرعة تفوق 70 كم/ساعة، ويضع بيضًا يزن أكثر من كيلوغرام… هذا هو النعام.
شهدت تربية النعام انتشارًا واسعًا خلال العقود الأخيرة، خاصة في الدول ذات المناخ الحار والجاف مثل مصر والسودان وجنوب إفريقيا. وسرعان ما أدرك المزارعون أن هذا الطائر لا يُربى فقط من أجل لحمه الصحي الغني بالبروتين، بل من أجل جلده الفاخر، وبيضه العملاق، وريشه الذي يُستخدم في الصناعة والديكور، وحتى زيت دهنه الذي يدخل في مستحضرات التجميل!
في هذا المقال، سنخوض رحلة ممتعة في عالم النعام، نتعرف خلالها على فوائده، أنواعه، أسس تربيته، تغذيته، الأمراض التي قد تصيبه، وأسرار نجاح مشروع تربية النعام كمشروع استثماري واعد.
أصل النعام وأنواعه
- النعام الإفريقي (Struthio camelus):
أكبر أنواع النعام، ويُعد الأكثر انتشارًا وتربيةً. يتميز بلون ريشه الأسود عند الذكور، والرمادي عند الإناث. - النعام أحمر الرقبة:
شائع في كينيا والسودان، ويُعتبر أكثر مقاومة للأمراض. - النعام أزرق الرقبة:
يتميز بالهدوء وسهولة الترويض، ومناسب للمزارع التجارية.
لماذا تربية النعام؟ (المميزات الاقتصادية)
- لحم صحي قليل الدهون والكوليسترول.
- بيض ضخم يمكن بيعه بأسعار مرتفعة.
- جلد فاخر يستخدم في صناعة الحقائب والأحذية.
- ريش يستخدم في الزينة والأزياء.
- زيت دهن النعام يُستخرج ويستعمل طبيًا وتجميلًا.

شروط تربية النعام المثالية
- الموقع: مكان جاف، جيد التهوية، بعيد عن الضوضاء والحيوانات المفترسة.
- المساحة: يحتاج النعام لمساحات واسعة للحركة (حوالي 50-100 م² لكل طائر بالغ).
- السياج: يجب أن يكون عاليًا (2 متر على الأقل) وقويًا، لأن النعام قد يقفز ويضرب بقوة.
- التربة: رملية أو مختلطة جيدة التصريف.
- الإضاءة: طبيعية، ويُفضل التعرض لأشعة الشمس يوميًا.
التغذية المثالية للنعام
أ. الأعمار المختلفة:
- الصيصان (حتى عمر 3 شهور):
أعلاف غنية بالبروتين (20-22%)، خالية من السموم الفطرية. - العمر المتوسط (3 – 12 شهر):
خلطات حبوب + أعلاف مركزة + خضراوات. - البالغون:
تغذية متوازنة تشمل الذرة، الشعير، البرسيم، والفيتامينات والمعادن.
ب. المياه:
يجب توفير مياه نظيفة بشكل دائم. النعام يشرب كميات كبيرة خصوصًا في الصيف.
دورة الإنتاج والتكاثر
- سن البلوغ: من 2 – 3 سنوات.
- موسم التزاوج: يمتد من الربيع حتى نهاية الصيف.
- إنتاج البيض: تضع الأنثى حوالي 40 – 100 بيضة سنويًا.
- الفقس: يحتاج البيض لحضّانات صناعية بدرجة حرارة 36°C، ونسبة رطوبة 25–35%.
أهم الأمراض وطرق الوقاية
- النيوكاسل – السالمونيلا – التسمم الغذائي – التهاب الأمعاء.
- الوقاية:
- نظافة المكان والمعدات.
- تطعيمات دورية.
- عزل الطيور المصابة.
- مراقبة جودة الأعلاف وتخزينها.
الجدوى الاقتصادية لمشروع تربية النعام
- استثمار مربح بسبب تعدد منتجاته وقلة تكاليف تربيته نسبيًا.
- العائد من بيع الطائر البالغ + بيض + جلد + ريش قد يضاعف رأس المال خلال دورة إنتاجية واحدة.
نصائح ذهبية للمبتدئين
- لا تبدأ بأعداد كبيرة، ابدأ بعدد محدود وتعلّم.
- وفر بيئة صحية، وراقب سلوك الطيور يوميًا.
- استخدم أعلاف مخصصة للنعام، لا للدواجن.
- تابع دورات تدريبية واستشر أطباء بيطريين بانتظام.
- افحص مصادر المياه والعلف من السموم الفطرية.
النعام ليس طائرًا عاديًا، بل مشروع استثماري حقيقي على قدمين. تربيته تحتاج إلى فهم لطبيعته واحتياجاته، لكنها بالمقابل تفتح أبوابًا لفرص مالية مجزية ومستقبلية. سواء كنت مربيًا مبتدئًا أو صاحب مزرعة تبحث عن تنويع نشاطك، فالنعام قد يكون خيارك الذهبي القادم.