لماذا حُرِّم لحم الخنزير؟ نظرة دينية وعلمية وصحية شاملة

لطالما كان تحريم لحم الخنزير أحد أبرز الأحكام الثابتة في الشريعة الإسلامية، وهو ما يتوافق مع أحكام سابقة في اليهودية. وقد استندت هذه الأحكام إلى نصوص دينية صريحة، ولم يكن الدافع الديني بمعزل عن الحكمة العلمية؛ فقد أظهرت الاكتشافات البيطرية والطبية الحديثة مخاطر صحية متعدّدة مرتبطة بلحم الخنزير.
في هذا المقال نُقدّم نظرة شاملة دينية، وعلمية، وصحية عن سبب تحريم هذا النوع من اللحوم.
أولًا: الموقف الديني من تحرّيم لحم الخنزير
🕌 تحريم لحم الخنزير في الإسلام
📖 نصوص قرآنية صريحة
ورد تحريم لحم الخنزير في عدة آيات قرآنية، منها:
“قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ”
— سورة الأنعام، الآية 145
تُشير الآية إلى أن لحم الخنزير “رجس”، أي نجس وخبيث، مما يُبيِّن سبب تحريمه.
قال الله تعالى:
- ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ﴾ (البقرة: 173)
- ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ﴾ (المائدة: 3)
🗣️ أحاديث نبوية
روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام”
— رواه البخاري ومسلم
هذا الحديث يُؤكِّد تحريم التعامل مع لحم الخنزير، سواء بالأكل أو البيع.
تحريم لحم الخنزير في الإسلام لم يُبَنَ على مجرد التعبد، بل على كونه “رجسًا” كما وصفه الله، أي أنه نجس خِلقيًا ومعنويًا ومصدر أذى وضرر، وهو وصف لا يُطلق إلا على ما يُستقذر طبعيًا ويضرّ بدنيًا.
✡️ تحريم لحم الخنزير في اليهودية
في الشريعة اليهودية، يُعتبر لحم الخنزير من المحرمات الصريحة.
📜 نصوص من التوراة
جاء في سفر اللاويين:
“والخنزير لأنه يشق ظلفًا ويقسمه ظلفين لكنه لا يجتر فهو نجس لكم. من لحمها لا تأكلوا وجثتها لا تلمسوا”
— سفر اللاويين 11:7-8
كما ورد في سفر التثنية:
“والخنزير لأنه يشق الظلف لكنه لا يجتر فهو نجس لكم. من لحمها لا تأكلوا وجثتها لا تلمسوا”
— سفر التثنية 14:8
تُظهر هذه النصوص تحريمًا واضحًا لأكل لحم الخنزير ولمسه في الديانة اليهودية.
يُعد لحم الخنزير من أشد المحرمات في الشريعة الموسوية.
✝️ موقف المسيحية من لحم الخنزير
في العهد الجديد، لا يوجد تحريم صريح لأكل لحم الخنزير، وقد اختلفت المذاهب المسيحية في تفسير ذلك.
📖 نصوص من العهد الجديد
يُستشهد أحيانًا بما ورد في إنجيل متى:
“لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل”
— إنجيل متى 5:17
يُفسِّر بعض المسيحيين هذا النص بأن يسوع لم يُلغِ الشريعة السابقة، بينما يرى آخرون أن التحريمات الغذائية لم تعد ملزمة بعد مجيء المسيح.
- اختلفت الآراء:
- في العهد الجديد، يقول بولس: “كل شيء طاهر للطاهرين” (تيطس 1: 15)، وهو ما اعتمدت عليه الكنائس لاحقًا لرفع الحظر.
- لكن لم يُذكر نص مباشر يرفع التحريم الذي ورد في العهد القديم.
- عدد من الطوائف المسيحية الشرقية والإثيوبية لا تزال تمتنع عنه.