داء المقوسات في القطط (Toxoplasmosis) : المتهم الأشهر أم بريء جزئياً؟

داء المقوسات أو التوكسوبلازما (Toxoplasmosis) هو مرض طفيلي واسع الانتشار يصيب البشر والحيوانات، ويُتهم في كثير من الأحيان بأنه سبب رئيسي في حالات الإجهاض لدى النساء الحوامل. القطط غالبًا ما تُحمل مسؤولية انتقال هذا المرض، ما يجعل البعض يتخوف من تربيتها خلال فترة الحمل. فهل هذا الخوف مبرر؟ وما الحقيقة العلمية وراء هذا الطفيلي الغامض؟


ما هو طفيلي التوكسوبلازما؟

التوكسوبلازما (Toxoplasma gondii) هو طفيلي وحيد الخلية ينتمي إلى شعبة “الأوالي” ويصيب الخلايا الحية داخل أجسام الحيوانات والبشر.
القطط – وخاصة القطط المنزلية والبرية – هي العائل الرئيسي الوحيد الذي يستطيع الطفيلي التكاثر داخله وإفراز “البويضات المعدية” في البراز.


كيفية انتقال التوكسوبلازما: القطط ليست المصدر الوحيد!

رغم أن القطط تلعب دورًا في دورة حياة الطفيلي، فإن العدوى لا تحدث غالبًا من ملامستها مباشرة، بل من خلال:

  1. تناول لحوم غير مطبوخة جيدًا (خصوصًا لحوم الخراف والخنازير).
  2. تناول خضراوات أو فواكه ملوثة ببويضات الطفيل دون غسل جيد.
  3. التعرض المباشر لتربة ملوثة ببراز القطط.
  4. نادرًا جدًا: من خلال ملامسة فضلات القطط المصابة دون استخدام أدوات وقائية.

نسبة العدوى من القطط أقل بكثير مما يُشاع. ففي دراسة نُشرت بمجلة Clinical Infectious Diseases (2001) تبين أن اللحوم غير المطهية تمثل حوالي 50–60% من أسباب الإصابة، في حين أن العدوى من القطط المنزلية كانت أقل من 10%.

مصادر العدوى بالطفيل متعدده وليت فقط القطط

أعراض الإصابة في القطط

  • غالبًا ما تكون الإصابة صامتة وغير مصحوبة بأعراض.
  • في حال ظهرت الأعراض، قد تشمل:
    • خمول
    • فقدان شهية
    • ارتفاع في الحرارة
    • إسهال خفيف أو متقطع
    • مشاكل عصبية أو تنفسية في الحالات الشديدة أو لدى القطط الصغيرة والمناعية الضعيفة

تشخيص الإصابة في القطط

  • تحاليل دم (IgG, IgM) للكشف عن الأجسام المضادة.
  • فحص البراز لاكتشاف بويضات الطفيل (نادراً ما تكون نشطة لأكثر من 3 أسابيع بعد العدوى).
  • في حالات نادرة: استخدام PCR لتأكيد الإصابة.

علاج التوكسوبلازما في القطط

  • غالبًا لا تحتاج القطط السليمة للعلاج.
  • في الحالات المرضية:
    • مضاد طفيلي.
    • دعم مناعي.
    • العزل المؤقت عن الأطفال أو الحوامل حتى انتهاء فترة إخراج البويضات.

التوكسوبلازما والإجهاض: هل القطط مذنبة؟

  • هناك خطر فعلي على الحوامل المصابات للمرة الأولى بالتوكسوبلازما خلال الحمل، لأن الطفيل يمكنه عبور المشيمة وإصابة الجنين.
  • لكن العدوى من القطط أقل شيوعًا مما يُعتقد.
    • في دراسة منشورة في BMJ Global Health (2018)، تبيّن أن القطط ليست السبب الأساسي في أكثر من 5–10% من الحالات.
  • معظم النساء يصبن بالعدوى قبل الحمل وتُكوّن لديهن مناعة طبيعية.

الوقاية للحامل: كيف تتجنب الخطر؟

  • تجنب التعامل مع فضلات القطط أو ارتداء قفازات وغسل اليدين جيدًا.
  • عدم تناول اللحوم النيئة أو غير المطهية جيدًا.
  • غسل الفواكه والخضروات جيدًا.
  • إجراء فحص دم في بداية الحمل لاكتشاف المناعة ضد التوكسوبلازما.

هل يجب التخلي عن القطط أثناء الحمل؟

لا. التخلي عن القطط بسبب الحمل ليس ضروريًا طالما تُمارَس الوقاية بشكل سليم.
العدوى من القطط تتطلب ظروفًا دقيقة، ومع النظافة والعناية، يصبح خطرها شبه معدوم.


داء التوكسوبلازما مرض مهم لكنه ليس مرعبًا كما يُشاع، والقطط ليست المصدر الأساسي كما يُعتقد.
الحذر واجب، لكن الخوف المبالغ فيه غير مبرر. الحفاظ على النظافة، طهي الطعام جيدًا، والفحص الدوري للحيوانات الأليفة يجعل التعايش مع القطط آمنًا حتى خلال الحمل.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى