جدري الإبل: مرض فيروسي خطير يهدد الثروة الحيوانية والصحة العامة

يُعد جدري الإبل (Camel Pox) من أخطر الأمراض الفيروسية الجلدية التي تصيب الجمال، ويتسبب في خسائر اقتصادية فادحة نتيجة انخفاض الإنتاج وتدهور الحالة الصحية ونفوق الحيوانات، بالإضافة إلى مخاطره المحتملة على الإنسان في بعض الحالات.
المرض معروف منذ القدم في المناطق التي تربى فيها الإبل، خاصة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وشبه القارة الهندية.


ما هو جدري الإبل؟

جدري الإبل هو مرض فيروسي معدٍ، تسببه فيروسات جدري الإبل من فصيلة Poxviridae، جنس Orthopoxvirus، وهي قريبة من فيروس الجدري البشري.

التصنيف العلمي للفيروس:

  • العائلة: Poxviridae
  • الجنس: Orthopoxvirus
  • النوع: Camelpox virus

تم عزل الفيروس لأول مرة وتوصيفه علميًا في خمسينيات القرن الماضي، وأجريت أبحاث موسعة في مصر، والسودان، والسعودية، والهند حوله.


طرق انتقال المرض:

  • الاتصال المباشر بين الإبل المصابة والسليمة.
  • الحشرات الناقلة، مثل البعوض وذباب الرمل.
  • الأدوات الملوثة، مثل الحبال أو الآلات المستخدمة في الرعي أو الحلب.
  • الهواء المحمّل بالرذاذ الفيروسي، خاصة في الإسطبلات المغلقة.

تقول د. عفاف حسن، باحثة بجامعة الخرطوم (2009):
“العدوى غالبًا ما تنتشر بسرعة خلال فصول الجفاف حين يتكدس القطيع حول مصادر المياه.”


أعراض جدري الإبل:

فترة الحضانة: من 3 إلى 10 أيام.

أعراض خارجية:

  • حمى شديدة (قد تصل إلى 41°C).
  • طفح جلدي يظهر على الوجه، الرقبة، البطن، الفخذين.
  • تحول الطفح إلى بثور، ثم تقرحات، ثم قشور سوداء.
  • تضخم العقد اللمفاوية.
  • سيلان أنفي أو لعابي.
  • تقرحات داخلية في الفم والمريء في الحالات الشديدة.

أعراض خاصة بالحيوانات الصغيرة:

  • نسبة النفوق قد تصل إلى 25%.
  • ضعف عام وتوقف عن الرضاعة.

التشخيص:

  • تشخيص سريري حسب الأعراض الجلدية.
  • تشخيص معملي:
    • الزراعة الخلوية (Cell culture).
    • اختبارات ELISA وPCR.
    • المجهر الإلكتروني (لرؤية الفيروس).
    • الاختبارات السيرولوجية للكشف عن الأجسام المضادة.

د. Mohamed F. Khalafalla، خبير الفيروسات البيطرية بالسودان، ذكر في بحثه (2008):
“الفحص الجزيئي PCR هو الوسيلة الأدق للتفريق بين جدري الإبل وغيره من الفيروسات الجلدية.”


هل ينتقل المرض إلى الإنسان؟

نادرًا ما يصيب الإنسان، لكنه مصنّف كمرض مشترك (Zoonotic) في بعض الأدبيات العلمية.
في حالات نادرة تم تسجيل عدوى بشرية لدى المربين الذين يتعاملون بشكل مباشر مع الجمال المصابة، حيث تظهر لديهم بثور جلدية موضعية وأحيانًا حمى مؤقتة.


العلاج:

لا يوجد علاج نوعي للفيروس، لكن يهدف التدخل البيطري إلى:

  • دعم الحيوان طبيًا: باستخدام خافضات حرارة ومضادات حيوية لمنع العدوى البكتيرية الثانوية.
  • تنظيف القروح وتطهيرها.
  • عزل الحيوانات المصابة حتى تمام الشفاء.

الوقاية والتحصين:

  1. التطعيم بلقاح جدري الإبل:
    • لقاح حي مضعف.
    • يُعطى للإبل مرة سنويًا، وخصوصًا في المناطق الموبوءة.
  2. تطبيق إجراءات الحجر البيطري.
  3. تطهير أماكن التربية دوريًا.
  4. مكافحة الحشرات.
  5. فحص الحيوانات الجديدة قبل إدخالها إلى القطيع.

أوصت منظمة الأغذية والزراعة FAO ومنظمة OIE في تقرير مشترك (2016) بـ:
“ضرورة إدراج جدري الإبل ضمن برامج الوقاية الإقليمية لأمراض الثروة الحيوانية في أفريقيا والشرق الأوسط.”


الخسائر الاقتصادية الناتجة:

  • انخفاض إنتاج اللبن واللحم.
  • تأخر النمو والتسمين.
  • زيادة معدلات الإجهاض.
  • نفوق الحيوانات الصغيرة.
  • تكلفة العلاج واللقاحات والعزل.

أهمية التبليغ البيطري:

يجب على المربين والأطباء البيطريين الإبلاغ الفوري عن أي حالات اشتباه، لتقليل انتشار المرض والاستفادة من برامج التحصين الطارئة التي تقدمها بعض الدول.


جدري الإبل ليس فقط مرضًا جلديًا، بل تهديدًا حقيقيًا للثروة الحيوانية وصحة الإنسان في بعض الحالات.
تعاون المربي مع الطبيب البيطري وتطبيق برامج الوقاية تضمن السيطرة عليه والحد من آثاره.
لا تستهِن بطفح جلدي على ناقة أو جمل صغير، فقد يكون بداية انتشار واسع داخل القطيع.


المصدر
Wernery, U., Kaaden, O. R. (2002). Infectious Diseases of CamelidsWOAM - Camel Diseases Control in the MENA regionMultiplex PCR for rapid diagnosis and differentiation of pox and pox-like diseases in dromedary Camels

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى