هل تشعر الكلاب بتوتر صاحبها؟

منذ آلاف السنين، نشأت علاقة فريدة بين الإنسان والكلب، تجاوزت حدود اللغة والإشارات. تُعتبر الكلاب أكثر من مجرد حيوانات أليفة؛ فهي شركاء حياة، تشاركنا أفراحنا وأحزاننا. لكن هل يمكن للكلاب أن تشعر بتوترنا وقلقنا؟ هل تستجيب لمشاعرنا السلبية؟ هذا ما سنستكشفه في هذا المقال المدعوم بالأبحاث العلمية.
حاسة الشم الخارقة لدى الكلاب
تُعد حاسة الشم لدى الكلاب من أقوى الحواس في المملكة الحيوانية. تحتوي أنوف الكلاب على ما يقرب من 300 مليون مستقبل شمي، مقارنةً بحوالي 5 ملايين فقط لدى البشر. هذا يمكنها من اكتشاف الروائح بتركيزات ضئيلة للغاية. وفقًا لموسوعة ويكيبيديا، فإن الكلاب تستخدم هذه الحاسة ليس فقط لتحديد الروائح، بل أيضًا لفهم البيئة المحيطة بها والتواصل الاجتماعي.(Wikipedia)

الكلاب واستشعار التوتر البشري
دراسة جامعة بريستول (2022):
أجرت جامعة بريستول دراسة نُشرت في مجلة Scientific Reports، حيث تم تدريب 18 كلبًا على التمييز بين روائح العرق والتنفس لأشخاص قبل وبعد أداء مهمة حسابية مرهقة. أظهرت النتائج أن الكلاب تمكنت من تحديد عينات “التوتر” بدقة بلغت 93.75%، مما يشير إلى أن التغيرات الفسيولوجية المرتبطة بالتوتر تُنتج مركبات عضوية متطايرة يمكن للكلاب اكتشافها.
دراسة جامعة لينكولن (2018):
في دراسة أخرى، تم تدريب الكلاب على التمييز بين روائح العرق لأشخاص في حالات توتر واسترخاء. أظهرت الكلاب استجابات سلوكية مختلفة عند تعرضها لروائح التوتر، مما يدل على قدرتها على استشعار الحالة النفسية للبشر من خلال الرائحة.
التأثير المتبادل بين الكلاب وأصحابها
لا يقتصر الأمر على استشعار الكلاب لتوتر أصحابها، بل يتعداه إلى التأثير المتبادل بينهما. أظهرت دراسة نُشرت في مجلة Scientific Reports أن مستويات هرمون الكورتيزول، المرتبط بالتوتر، في شعر الكلاب تعكس مستويات الكورتيزول في شعر أصحابها. هذا يشير إلى وجود تزامن في مستويات التوتر بين الكلاب وأصحابها، مما يُبرز العلاقة العاطفية القوية بينهما.
سلوكيات الكلاب عند استشعار التوتر
عندما تشعر الكلاب بتوتر أصحابها، قد تظهر عليها بعض السلوكيات مثل:
- الالتصاق بصاحبها: محاولة البقاء بالقرب منه لتقديم الدعم.
- تغيير في النشاط: قد تصبح أقل نشاطًا أو أكثر قلقًا.
- تغيير في الشهية: قد تفقد شهيتها أو تأكل بشكل مفرط.
- سلوكيات غير معتادة: مثل النباح المستمر أو الحفر.
هذه السلوكيات تعكس تأثر الكلاب بالحالة النفسية لأصحابها، وتُظهر مدى تعاطفها معهم.
كيفية تقليل تأثير التوتر على الكلاب
للحفاظ على صحة الكلاب النفسية وتقليل تأثرها بتوتر أصحابها، يُنصح بما يلي:
- الاهتمام بالراحة النفسية الشخصية: ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل والتنفس العميق.
- الحفاظ على روتين يومي ثابت: الالتزام بجداول منتظمة للطعام والنشاط.
- توفير بيئة هادئة: تقليل الضوضاء والمحفزات السلبية في المنزل.
- التفاعل الإيجابي مع الكلب: اللعب والتدريب والتواصل المستمر.
خاتمة: علاقة فريدة تتجاوز الكلمات
تُظهر الأبحاث أن الكلاب ليست فقط قادرة على استشعار توتر أصحابها، بل تتأثر به أيضًا. هذه العلاقة العاطفية العميقة تُبرز أهمية الاهتمام بالصحة النفسية للإنسان والكلب على حد سواء. من خلال فهم هذه العلاقة، يمكننا تعزيز رفاهية كل من الإنسان والكلب، والتمتع بعلاقة صحية ومتناغمة.