سناجب كاليفورنيا تصبح “لحمية” لأول مرة: دراسة تدفعنا لإعادة النظر في سلوكياتها الطبيعية
عندما تفاجئنا الطبيعة
عادةً ما نربط السناجب بتناول المكسرات والبذور، وربما بعض الحشرات أو البيوض. لكن مؤخّرًا، رصد الباحثون سلوكًا غير متوقع في سناجب الأرض في حديقة Briones الإقليمية بالقرب من بيركلي – كاليفورنيا: لقد بدأت تطارد فتأكل لحم الفئران (voles)، وهي سلوكيات افتراس لم تُوثق من قبل بهذا الانتشار. هذه الخطوة الغريبة تثبت كيف يمكن أن تفاجئنا الحيوانات الأليفة حتى عندما نعتقد أننا نعرفها جيدًا.
مصدر الخبر الحقيقي
دراسة قامت بها جامعة كاليفورنيا ديفيس بالتعاون مع جامعة Wisconsin–Eau Claire ضمن مشروع طويل الأمد بدأ عام 2013 لمراقبة سلوك سناجب الأرض في Briones Regional Park.
ما الذي اكتشفه الباحثون؟
- المشاهدات: خلال شهري يونيو ويوليو 2024، وثّق الباحثون 74 حالة تفاعلات بين سناجب وفئران voles، منها 42% (حوالي 31 حالة) تضمنت اصطيادًا فعليًا للفرائس وافتراسًا لها.
- طبيعة السلوك: شوهدت السناجب وهي تطارد، تهجم، تقتل، وتتهيأ لفصل رؤوس الفئران، ثم تقتات عليها.
- البيئة: سُجل هذا السلوك خلال ذروة غير عادية في تعداد الفئران في الحديقة؛ كانت وفرتها أعلى بنسبة 7 أضعاف عن المتوسط العقدي.
- اللافت: ظهر هذا السلوك في إناث وذكور، كبارًا وصغارًا، دون تمييز من الجنس أو العمر.
التفسير العلمي: لماذا بدأوا بالافتراس؟
يرى الباحثون أن هذه الظاهرة تعكس مرونة غذائية عالية (behavioral flexibility)، حيث استجابت السناجب لتوفر الفرائس بسهولة في الوقت المناسب، ما جعلها تنتقل من غذاء نباتي/حيواني بسيط إلى افتراس صغير الثدييات.
ضرورة التكيف
مع تغيّرات البيئة والنظام البيئي المحيط بالإنسان، يبدو أن السناجب تستطيع تعديل نظامها الغذائي بسرعة لتعزيز بقائها.
المنظور العلمي والاجتماعي
- نادرة الوثائق لهذه السلوكيات ضمن السناجب العادية، وتُعد هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تُوثِّق افتراسًا واسع الانتشار لهذه السناجب للفرائس العظمي.
- يفتح هذا البحث أبوابًا لاستكشاف:
- هل هذا السلوك مُنتقل وراثي أم مكتسب؟
- التأثيرات البيئية على سلوك الغذاء.
- أثر هذا السلوك على معدلات التكاثر والبقاء على قيد الحياة.
النمط الغذائي المعتاد للسناجب ولماذا حدث التحول
السناجب الأرضية في كاليفورنيا – مثل معظم أنواع السناجب حول العالم – تُصنّف على أنها قوارض آكلة للنباتات بالدرجة الأولى (Herbivorous)، حيث يعتمد غذاؤها الطبيعي على البذور، والمكسرات، والحبوب، والأعشاب، إضافةً إلى بعض الحشرات أو البيوض في حالات نادرة.
لكن رصد الباحثين لهذا التحول اللافت نحو افتراس الفئران voles وافتقار السلوك للنزعة العرضية، يشير إلى أن التغير لم يكن مجرد تجربة غذائية فردية، بل جاء نتيجة وفرة غير مسبوقة في أعداد الفئران خلال موسم محدد، مما جعلها مصدر غذاء متاح بكثرة. هذا التحول يعكس قدرة هذه السناجب على التكيف السلوكي والغذائي مع التغيرات البيئية، وخاصةً عندما يتوفر مصدر بروتين عالي الجودة وسهل المنال.
لعل الدرس الأهم هنا هو أن الحيوانات التي نراها يوميًا، حتى لو في حدائقنا، قد تُظهر سلوكيات مدهشة ومفاجئة. هذا الاكتشاف في سلوك سناجب كاليفورنيا يُثبت أن الطبيعة لم تزل تحتفظ بشيء خفي تنتظر اللحظة المناسبة لتكشفه.
