التهاب البريتون المعدي في القطط (FIP): القاتل المتخفي في عالم القطط

عندما تصاب القطة بارتفاع حرارة غير مفسر، وتفقد شهيتها تدريجيًا، ثم يبدأ بطنها بالانتفاخ أو تظهر عليها أعراض عصبية غامضة، فإن أحد الاحتمالات القاتلة التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار هو: التهاب البريتون المعدي في القطط أو التهاب الصفاق السنوري (FIP).

هذا المرض المعقد، الذي حيّر الأطباء البيطريين لعقود، يُعد من أشد الأمراض فتكًا في عالم القطط. ولأنه يُشخص بصعوبة وتتفاوت أعراضه، كثيرًا ما يُكتشف في مراحله المتأخرة.

في هذا المقال، نغوص في عالم هذا المرض الغامض، لنتعرف إلى أسبابه، أشكاله، أعراضه، وطرق الوقاية والعلاج.

ما هو FIP؟

FIP اختصار لـ Feline Infectious Peritonitis، أو ما يُعرف بالعربية بـ”التهاب البريتون المعدي في القطط أو التهاب الصفاق السنوري (FIP). يسببه نوع متحوِّر من فيروس كورونا السنوري (FCoV)، وهو فيروس شائع جدًا بين القطط، خاصة في الأماكن المكتظة كالملاجئ.

أقرأ أيضاً: فيروس كورونا القططي (FCoV): القصة الكاملة لعدو يهدد حياة القطط

هذا الفيروس في حالته العادية لا يُسبب سوى إسهالًا خفيفًا أو لا أعراض على الإطلاق، لكن في أقل من 5 % من الحالات، يتحور داخل جسم القطة ويتحول إلى نسخة قاتلة: فيروس FIP.

أنواع FIP: الشكل الرطب والشكل الجاف

ينقسم المرض إلى نوعين رئيسيين:

1. النوع الرطب (Wet FIP):
   • يتميز بتراكم السوائل في تجويف البطن أو الصدر.
   • ينتج عنه صعوبة في التنفس، وانتفاخ واضح في البطن.
   • سريع التطور وغالبًا ما يكون مميتًا خلال أسابيع.
2. النوع الجاف (Dry FIP):
   • لا يتضمن تراكم سوائل.
   • يصيب الجهاز العصبي أو الأعضاء الحيوية مثل الكلى والكبد والعين.
   • قد يظهر على شكل نوبات عصبية، ترنح، عمى جزئي، أو تغيّرات سلوكية.

بعض القطط قد تُظهر مزيجًا من النوعين، ما يزيد صعوبة التشخيص.

كيف تنتقل العدوى؟

فيروس كورونا السنوري غير المسبب لـFIP ينتقل بسهولة عبر:

• ملامسة البراز.
• أوعية الطعام.
• لعاب القطط.
• استنشاق جزيئات ملوثة من البيئة.

لكن تحوُّله إلى FIP يعتمد على:

• الجهاز المناعي للقطة.
• العوامل الوراثية.
• الضغط النفسي والبيئي.

بالتالي، ليس كل القطط المصابة بفيروس كورونا السنوري تُصاب بـFIP.

الأعراض: علامات ينبغي عدم تجاهلها

الأعراض العامة:

• حرارة مستمرة لا تستجيب للمضادات الحيوية.
• فقدان الشهية.
• فقدان الوزن.
• ضعف عام واكتئاب.

أعراض الشكل الرطب:

• انتفاخ البطن بسبب تراكم السوائل.
• صعوبة في التنفس.
• خمول شديد.

أعراض الشكل الجاف:

• ترنح أثناء المشي.
• نوبات أو رعشات.
• تغيّرات في سلوك القطة.
• مشكلات في العين (غشاوة، توسع بؤبؤ غير طبيعي).

التشخيص: رحلة معقدة

لا يوجد اختبار واحد حاسم لتشخيص FIP. غالبًا ما يعتمد الطبيب البيطري على مجموعة من المؤشرات:

• تحليل الدم (ارتفاع بروتينات الدم وخاصة الجلوبيولين).
• اختبار الأجسام المضادة لفيروس كورونا السنوري.
• اختبار PCR لتأكيد وجود الفيروس المتحور في سوائل الجسم.
• الأشعة أو السونار لتحديد تراكم السوائل أو التغيرات في الأعضاء.

هل يوجد علاج؟

لعقود، كان هذا المرض بلا علاج. لكن منذ 2019، بدأ استخدام عقار واعد يسمى GS-441524، وهو نظير نوكليوتيدي يعوق تكاثر الفيروس. أظهر هذا الدواء نسب شفاء تتجاوز 80% في بعض الدراسات، لكن:

• لا يزال غير مرخص رسميًا في كثير من الدول.
• يُباع بطرق غير رسمية وغالبًا بأسعار مرتفعة.
• يجب استخدامه تحت إشراف بيطري دقيق.

بعض القطط قد تحتاج لعلاج داعم إضافي مثل:

• نقل سوائل.
• أدوية لخفض الحرارة.
• مضادات التهاب.
• تغذية مدعّمة.

الوقاية: هل يمكن تفادي FIP؟

رغم عدم وجود لقاح فعّال حاليًا، يمكن تقليل فرص الإصابة عبر:

• تقليل الكثافة السكانية في أماكن تربية القطط.
• الحفاظ على نظافة البيئة.
• فحص القطط الجديدة قبل إدخالها للمنزل.
• تقليل التوتر في حياة القطط (نقل، ازدحام، إهمال).

أسئلة شائعة:

هل ينتقل FIP إلى البشر؟
لا، FIP مرض خاص بالقطط فقط.

هل يمكن الشفاء الكامل؟
نعم، في حال العلاج المبكر بـ GS-441524، مع مراقبة مستمرة.

هل يمكن تلقيح القطط ضد FIP؟
توجد لقاحات لكن فعاليتها محدودة جدًا وغير موصى بها عالميًا.

ما عمر القطط الأكثر عرضة؟
غالبًا ما يُصيب القطط بين عمر 6 أشهر إلى 5 سنوات.

FIP ليس مجرد مرض عابر، بل هو تحدٍ حقيقي لمجتمع محبي القطط. مع التقدم العلمي وتوفر علاجات واعدة، أصبحت فرص الشفاء ممكنة أكثر من أي وقت مضى. الوعي، المراقبة المبكرة، والتشخيص الدقيق، قد تنقذ حياة قطك.

لذا، لا تتجاهل أي علامة غير مألوفة تظهر على قطتك، واستشر الطبيب البيطري فورًا. فالاكتشاف المبكر قد يكون الفارق بين الحياة والموت.