الحمار.. الحيوان الطيب الذي أُهين بلا ذنب

في أعماق الريف والمدن، وعلى أطراف الطرقات وفي المزارع البسيطة، يقف الحمار صامتًا.. لا يشتكي، لا يعترض، يتحمل فوق طاقته ويواصل المسير. ورغم ذلك، أصبح في ثقافتنا الشعبية رمزًا للإهانة، يُستخدم اسمه كشتيمة، ويتعرض في الواقع لسوء المعاملة من كثيرين لا يدركون كم هو كائن صبور ومخلص وذكي.

الحمار ليس كائنًا غبيًا كما يشاع، بل هو واحد من أذكى الحيوانات من حيث الإدراك المكاني والقدرة على اتخاذ القرار عند مواجهة الخطر. إنه لا يرفض السير أو الحمل عنادًا، بل لأنه يشعر أن المهمة ستؤذيه، عكس الحصان الذي قد يستجيب حتى لو كان في خطر. ومع ذلك، لم نمنحه التقدير الذي يستحقه، لا في ثقافتنا، ولا في تربيتنا، ولا حتى في لغة خطابنا اليومية.

هذا المقال هو دعوة لإعادة النظر في الصورة النمطية التي رسختها مجتمعاتنا عن هذا الحيوان النبيل، وفهم طبيعته وسلوكه، واحترام دوره الكبير في حياة الإنسان منذ آلاف السنين.


طبيعة الحمار:

  • التحمل والصبر: الحمار قادر على العمل في أصعب الظروف المناخية، ويُستخدم في نقل الأحمال لمسافات طويلة دون تذمر.
  • الذكاء: يتمتع بقدرة عالية على تمييز الطرق، ويتذكرها بدقة، ويمكنه اتخاذ قرار بالرفض إذا شعر بخطر.
  • المشاعر: الحمار يشعر بالألم والحزن، ويُظهر الارتباط بصاحبه إذا أُحسن إليه.
  • الصوت المميز (النهيق): هو وسيلته للتعبير عن مشاعره أو التنبيه، وليس دليلًا على الغباء.

الظلم الثقافي:

  • تُستخدم كلمة “حمار” كإهانة في المجتمعات العربية، رغم أنها لا تستند لأي أساس علمي أو سلوكي.
  • في التراث الشعبي، الحمار يُستهزأ به رغم أنه كان رفيق الإنسان في التنقل والعمل.
  • الأطفال يكبرون وهم يربطون اسم الحمار بالغباء، مما يعكس أثر التربية والمجتمع لا الحيوان نفسه.
ظلموك كتير في الدنيا وعذبوك يا حمار .... وحبوا عليك قطه علشان بتاكل فار
هو كده طبعنا بنبص عالمظهر .... ونحب دايماً ونموت في الخاين الغدار

مكانته في الحضارات القديمة:

  • استخدمه المصريين القدماء في الزراعة والسفر، وكانت له أهمية اقتصادية كبيرة.
  • ذُكر في الكتب السماوية، ولم يُذكر إلا في سياقات لها معنى تعبيري وليس تقليلي.
  • في بعض الحضارات، كان يُعتبر رمزًا للثبات والعمل.

رسالة احترام:

أليس من العدل أن نُعامل هذا الحيوان كما ينبغي؟
أن نُعلم أطفالنا كيف يحترمون جميع الكائنات الحية؟
أن نغيّر من مفرداتنا، ونعتذر لكل حمار وصفناه بغير صفته؟
الحمار لا يستحق السخرية.. بل الاحترام.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى