الشراسة في الكلاب: هل تولد معها أم تُصنع بها؟

الكلاب الشرسة هو تعبير يثير الخوف في أذهان الناس، لكن هل الكلاب تولد شرسة فعلاً؟ أم أن الظروف تصنعها؟ وهل بعض السلالات “مخلوقة” للعدوانية؟
هذا المقال يأخذك في رحلة علمية وعاطفية لفهم حقيقة الشراسة في الكلاب:
هل هي جينات موروثة؟
هل ترتبط بـ سلالة معينة؟
أم هي نتيجة تربية قاسية أو إهمال نفسي؟
دعونا نغوص معًا في هذا العالم الشائك، بدراسات علم الأعصاب، وعلم السلوك الحيواني، وتجارب أشهر مراكز التدريب البيطري في العالم.
أولًا: تعريف الشراسة في الكلاب
الشراسة هي سلوك عدواني يظهر من الكلب تجاه كائن آخر، سواء كان إنسانًا أو حيوانًا أو حتى جمادًا. ويشمل ذلك:
- النباح العدائي
- الزمجرة المستمرة
- محاولة العض أو الهجوم
- الهيمنة المفرطة
لكن من المهم التفريق بين:
- الشراسة الطبيعية: أي الاستجابة الدفاعية للخطر.
- الشراسة المرضية: التي تظهر دون سبب واضح أو تُوجه تجاه البشر أو الحيوانات بشكل مفرط ومزعج.
ثانيًا: هل الشراسة مرتبطة بالسلالة؟ 🧬
نعم… ولكن ليس كما تظن!
الدراسات العلمية تؤكد وجود اختلافات سلوكية وراثية بين السلالات، لكن “الوراثة لا تعني المصير”.
السلالات التي صنفت بأنها أكثر عرضة للشراسة (حسب American Veterinary Medical Association):
السلالة | ملاحظات علمية |
---|---|
بيتبول | لديه طاقة عالية، فمه قوي جدًا، يسبب إصابات شديدة إذا لم يُدرّب |
روت وايلر | ذكي وحامي، ولكن إن لم يُوجه يصبح عدوانيًا مع الغرباء |
جيرمن شيبرد | ذكي ومطيع، لكنه يُظهر عدوانية إذا شعر بالتهديد |
تشاو تشاو | منعزل وفخور، قد لا يتسامح مع الغرباء أو الأطفال |
دابيرمان | حارس بالفطرة، لكنه حساس للبيئة العاطفية |
دراسة من جامعة بنسلفانيا (2020) أثبتت أن 60% من الكلاب الشرسة كان سلوكها ناتجًا عن مشاكل تربوية، وليست وراثية بحتة.
ثالثًا: الجينات وتأثيرها الحقيقي على الشراسة
علم الوراثة لا يتحكم فقط في لون الفرو أو شكل الأذنين، بل أيضًا في الناقلات العصبية المسؤولة عن السلوك.
أهم الجينات المرتبطة بسلوك الكلاب:
- MAOA gene: يُعرف بجين “المحارب”، وقد وُجد في الكلاب العدوانية بشكل مضاعف.
- DRD4 gene: يرتبط بفرط النشاط والسلوكيات المتهورة.
- SERT gene: يتحكم في نقل السيروتونين، وبالتالي في التوتر والاستجابة للخوف.
لكن!
حتى مع وجود هذه الجينات، لا تظهر الشراسة إلا إذا تحفزت بعوامل بيئية مثل:
- الإهمال
- العنف الجسدي
- عدم التنشئة الاجتماعية المبكرة
رابعًا: الظروف البيئية وتأثيرها الساحق
إذا كانت الوراثة “البذرة”، فإن البيئة هي التربة والماء والضوء.
العوامل البيئية التي تعزز السلوك الشرس:
العامل | التأثير |
---|---|
الحرمان الاجتماعي | يؤدي إلى خوف مفرط ثم عدوان |
المعاملة القاسية | تُحفز ردود فعل دفاعية مؤذية |
عدم تحديد القيادة | يجعل الكلب يختبر الهيمنة |
العزلة الطويلة | تسبب توترًا وقلقًا يُفرغ في شكل شراسة |
غياب التدريب | يُفقد الكلب القدرة على التحكم بسلوكه |
💡 معلومة هامة: الكلاب التي تتعرض للعنف في أول 16 أسبوعًا من عمرها تكون أكثر عدوانية بنسبة 80% مقارنة بالكلاب التي نشأت في بيئة إيجابية (دراسة من جامعة هلسنكي، 2018).

خامسًا: أنواع الشراسة في الكلاب
- شراسة الخوف: الكلب يهاجم لأنه خائف وليس شريرًا.
- شراسة الحماية: دفاعًا عن صاحبه أو مكانه.
- الشراسة الإقليمية: تجاه من يقترب من منطقته.
- شراسة الألم: عند إصابة الكلب أو مرضه.
- الشراسة الناتجة عن نقص التنشئة: لم يتعلم التفاعل مع الناس أو الحيوانات.
سادسًا: كيف نمنع أو نعالج الشراسة؟
- التنشئة الاجتماعية المبكرة (Socialization)
- تعريف الجرو منذ الصغر على البشر والحيوانات والأصوات المختلفة.
- التدريب الإيجابي
- المكافأة بدلاً من العقاب
- التعليم عبر التحفيز والتكرار
- تحديد القائد
- الكلب يحتاج قائدًا يشعر معه بالأمان والنظام.
- الفحص الطبي
- بعض الشراسة تعود لأسباب صحية: مشاكل عصبية أو هرمونية.
- الاستعانة بمتخصص سلوك حيواني (Canine Behaviorist)
- في الحالات الشديدة، يُفضّل علاج الكلب تحت إشراف خبير.
سابعًا: هل يمكن تحويل كلب شرس إلى كلب آمن؟ ✅
نعم، وبنجاح كبير!
قصة “ماكس”، كلب بيتبول أُنقذ من حلبة مصارعة كلاب، وتم تبنيه من ملجأ، وبعد 6 أشهر من العلاج السلوكي أصبح كلب علاج نفسي للأطفال المصابين بالتوحد.
السر:
- فهم الكلب
- التحلي بالصبر
- تكرار التدريب
- عدم معاقبة الشراسة بالعنف، بل بإعادة التوجيه
خلاصة المقال
الشراسة ليست قدرًا محتومًا، بل غالبًا ما تكون صرخة من كلب لم يُفهم بعد.
- بعض السلالات لديها ميول، نعم.
- وبعض الجينات تلعب دورًا، نعم.
- لكن العامل الأكبر هو كيف نربي الكلب.
وتمامًا كما يخرج الإنسان من بيئة قاسية حاقدًا، كذلك الكلب.
فالرحمة، والحدود الواضحة، والتربية المبكرة هي المفتاح لصناعة كلب سوي، لا يعرف الشراسة.