سمكة نبي الله موسى: الدليل إلى مجمع البحرين ومعجزة الحياة

في رحلة علم ومعرفة، سار نبي الله موسى عليه السلام في طريق طويل بحثًا عن عبد صالح تعلّم منه ما علّمه الله، وحمل معه غلامه وزادهما، وبينما كانا يستريحان على شاطئ البحر، حدث أمر عجيب: سمكة ميتة تعود إلى الحياة وتدخل البحر في معجزة مذهلة.
إنها قصة السمكة التي كانت علامة ودليلًا على لقاء موسى بالخضر، كما قصّها القرآن الكريم لنا عبرة ودرسًا.
القصة كما وردت في القرآن الكريم
وردت القصة في سورة الكهف، الآيات 60–82:
«وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبًا. فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربًا»
(الكهف: 60–61)
كان موسى عليه السلام قد سأل الله: “هل على الأرض من هو أعلم مني؟” فأوحى الله إليه أن هناك عبدًا صالحًا (الخضر) علّمه الله علمًا خاصًا. فأمره أن يذهب للقائه عند مجمع البحرين، حيث يفقد الحوت (السمكة).
أخذ موسى فتاه يوشع بن نون وزادًا فيه سمكة مملحة (ميتة)، فلما وصلا مجمع البحرين وأخذا قسطًا من الراحة، عادت السمكة إلى الحياة ودخلت البحر، وكان ذلك علامة اللقاء بالخضر.
«قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبًا»
(الكهف: 63)
هل وردت القصة في الكتب السماوية الأخرى؟
🔷 في التوراة والإنجيل: لم يرد ذكر مباشر لهذه القصة.
🔷 انفرد القرآن الكريم ببيان هذه الحادثة العجيبة بدقة، وأبرز فيها معجزة السمكة ودورها كعلامة للقاء الخضر.
ما ورد في السنة النبوية عن القصة
جاء في صحيح البخاري ومسلم أن النبي ﷺ قال:
“إن موسى قام خطيبًا في بني إسرائيل فسُئل: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا. فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه: عبد من عبادي بمجمع البحرين هو أعلم منك.”
فكانت الرحلة كلها تواضعًا لله وطلبًا للعلم.
الحِكم والمواعظ من القصة
🔷 التواضع في طلب العلم:
رغم علو مقام موسى إلا أنه انطلق باحثًا عن العلم.
🔷 عظمة معجزات الله:
حتى السمكة الميتة أحياها الله علامةً على الطريق.
🔷 الإصرار والصبر:
قال موسى: «لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبًا».
🔷 أن لله عبادًا خصهم بعلم خاص:
علم الخضر كان وحيًا خاصًا من الله.
الدروس المستفادة
✅ طلب العلم فريضة وفضيلة.
✅ الاعتراف بأن العلم كله عند الله.
✅ الصبر على مشقة التعلم والسفر.
✅ أن المعجزات آيات لتثبيت الإيمان.
✅ أن لكل مخلوق دورًا في قدر الله، حتى السمكة.
أين وقعت القصة؟
اختلف العلماء في تحديد مجمع البحرين:
- قيل: هو التقاء خليج العقبة بخليج السويس في البحر الأحمر.
- وقيل: عند مصب نهر شط العرب في الخليج.
- وقيل: قرب طنجة في المغرب.
والراجح أنه موضع يلتقي فيه بحران.
أوجه الإعجاز في القصة
- إحياء السمكة الميتة علامة إعجازية.
- علم الخضر الغيبي بإذن الله.
- بقاء آثار القصة خالدة في القرآن الكريم.
قصة السمكة مع موسى عليه السلام والخضر تذكير لنا جميعًا بالتواضع في طلب العلم، وبقدرة الله التي لا تحدّها حدود. فكما أحيا السمكة لتكون دليلًا، فهو سبحانه يحيي القلوب بالعلم واليقين.