إستخدام الهرمونات في علف الدواجن: بين الخرافة والعلم

تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي بين الحين والأخر إشاعة تدّعي أن مربي الدواجن يضيفون “حبوب منع الحمل” إلى الأعلاف لتسريع التسمين وزيادة الوزن. وتثير هذه المزاعم مخاوف المستهلكين من آثار صحية خطيرة. لكن هل لهذه الإشاعة أي أساس علمي؟ وهل ما نتناوله من دجاج يوميًّا يحتوي فعلًا على هرمونات النمو؟
في هذا المقال، نناقش الحقائق من منظور علمي وبيطري وغذائي، ونكشف أسباب النمو السريع لدواجن التسمين، ونفكك الإشاعة بأسلوب مبسط مبني على العلم والمنطق.


أولًا: ما هي الهرمونات البنائيّة؟ وهل لها علاقة بتربية الدواجن؟

الهرمونات البنائية (Anabolic Hormones) هي مواد تُستخدم لزيادة الكتلة العضلية وتحفيز النمو، ومنها مشتقات التستوستيرون (مثل الناندرولون) أو بعض هرمونات الستيرويد.

  • تُستخدم أحيانًا في الطب البشري لعلاج الحروق والضمور العضلي.
  • بعض لاعبي كمال الأجسام يستخدمونها رغم منعها طبيًا بدون وصفة بسبب آثارها الجانبية.

لكن في حالة الدواجن، فإن:

  • الدواجن لا تُربى بمثل هذه الهرمونات، إذ أن استخدامها محظور عالميًا.
  • أي هرمونات تعطى يجب أن تكون عبر الحقن وليس الأعلاف، مما يجعل استخدامها مستحيلًا في مزارع تجارية.
  • الهرمونات تُكلف كثيرًا، وقد تكون أغلى من سعر الفرخ نفسه

ثانياُ: ما هو هرمون منع الحمل؟ وهل له تأثير بنائي؟

هرمونات منع الحمل تحتوي عادة على مركبات صناعية شبيهة بالهرمونات الأنثوية (الإستروجين والبروجيستيرون)، وهي لا تُصنف ضمن الهرمونات البنائية (Anabolic Steroids) مثل التستوستيرون. لذلك، ليس لها تأثير واضح على بناء العضلات أو النمو السريع.

الاستخدامات الطبية لهرمون منع الحمل:

  • تنظيم الدورة الشهرية.
  • علاج بعض حالات تكيّس المبايض.
  • منع الحمل بالطبع.

لماذا انتشرت الإشاعة؟

يتردد أن بعض مربي الدواجن يستخدمون حبوب منع الحمل لزيادة الوزن، وهي إشاعة قديمة، أصلها يرجع الى خمسينات القرن العشرين حيث بدأ إستخدام شكل صناعي معين من هرمون الاستروجين في بعض أنحاء العالم من أجل زيادة معدل نمو الماشية وتسمين الدجاج، ولكن لم تستجب الدواجن إلى هرمون الاستروجينات على الإطلاق، وعلميًا:

  • هرمونات منع الحمل تحتوي على إستروجين وبروجستيرون، وهما ليسا محفزًا نمو في الطيور.
  • هذه الهرمونات تُثبط النمو الجنسي، وتؤدي لمشاكل تناسلية.
  • تُستخدم حبوب منع الحمل أحيانًا لعلاج حب الشباب أو اضطرابات الهرمونات عند النساء، وليس لها علاقة ببناء العضلات.

ثالثًا: لماذا تنمو دواجن التسمين بهذه السرعة؟

  • ليست هرمونات، بل:
    • سلالات تم تطويرها وراثيًا لتحقق معدل تحويل غذائي مرتفع.
    • أعلاف متوازنة مصممة حسب احتياجات كل مرحلة عمرية.
    • نظم تهوية وتربية حديثة تحمي من الأمراض وتُسرع النمو.

مثال: الفرخ الأبيض يصل إلى 2 كجم وأكثر في 35 يومًا بفضل هذه العوامل، وليس بسبب أي محفز خارجي محظور.


رابعًا: تصريحات المنظمات الصحية والرقابية

  • تؤكد منظمة الصحة العالمية (WHO) ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO) وهيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) أن:
    • استخدام الهرمونات في الدواجن محظور تمامًا.
    • لا توجد دلائل علمية موثقة على استخدامها في الإنتاج التجاري.
    • النمو السريع سببه السلالة والتغذية وليس أي تدخل دوائي.

خامساً: هل يتم إستخدام هذه الهرمونات فعلاً في مزارع الدواجن؟

📌 الإجابة العلمية: لا. لا يتم استخدام الهرمونات في تغذية الدواجن في مصر أو معظم دول العالم، وذلك للأسباب التالية:

  1. التكلفة العالية: الهرمونات غالية جدًا مقارنة بالعائد الاقتصادي.
  2. طرق إعطاء الهرمون غير عملية: الهرمونات لا تُمتص بسهولة عن طريق العلف أو الماء، وتحتاج لحقن مباشر.
  3. القوانين الرقابية: هناك رقابة مشددة تمنع استخدام أي مواد هرمونية في الدواجن.
  4. تحقيق معدلات النمو طبيعيًا: الدواجن التجارية الحديثة (السلالات) تم تطويرها وراثيًا لتصل إلى أوزان كبيرة خلال فترات قصيرة دون الحاجة إلى هرمونات.

التجارب النظرية: نعم، هناك تجارب علمية بحثية على استخدام الهرمونات، لكنها لا تُطبق تجاريًا، ولم تُثبت فاعليتها بالشكل الذي تروّج له الإشاعات.


سادساً: لماذا تنتشر هذه الإشاعات؟

  • ضعف الوعي العلمي.
  • التغيرات السريعة في حجم الدجاج التجاري مقارنة بالفراخ البلدي.
  • الربط الخاطئ بين الأمراض لدى الإنسان (مثل البلوغ المبكر) وتناول الدواجن.

سابعاً: ماذا عن الصور المتداولة على السوشيال ميديا؟

  • كثير من الصور المنتشرة لدواجن مشوهة تُستخدم لإثارة الذعر.
  • الحقيقة أن أغلب هذه الحالات تعود لأمراض مثل:
    • الاستسقاء (Ascites).
    • تشوهات ناتجة عن سوء التهوية أو نقص الأكسجين.

وليست لها علاقة بالهرمونات إطلاقًا.


ثامناً: الفرق بين الدواجن البلدية ودواجن التسمين

  • الدواجن البلدية تنمو ببطء بسبب طبيعة سلالتها.
  • دواجن التسمين الحديثة تنمو بسرعة بفضل التحسين الوراثي والتغذية المكثفة.
  • لا علاقة للهرمونات بالفروق بين النوعين.

تاسعاً: الأضرار الاقتصادية لإشاعة الهرمونات

  • تؤدي إلى عزوف بعض المستهلكين عن شراء الدواجن البيضاء.
  • تسبب خسائر لصغار المربين.
  • تفتح المجال أمام المحتكرين والمضاربين لنشر الذعر وزيادة الأسعار.

عاشراً: رأي الأطباء البيطريين وخبراء التغذية

  • يؤكد معظم الأطباء أن استخدام الهرمونات في الدواجن غير واقعي وغير مطبق.
  • الإشاعة متكررة منذ عقود، وتفتقر لأي دليل علمي أو عملي.
  • الأفضل هو توعية الجمهور وتوضيح الحقيقة بناء على العلم والتجربة

إستدلالات من مصادر عالميه وموثوقه

1. استحالة استخدام الهرمونات في دواجن التسمين تجاريًا

📚 وفقًا لإفادة USDA (وزارة الزراعة الأمريكية):

“استخدام الهرمونات في تربية الدواجن غير قانوني في الولايات المتحدة، ولم يتم التصريح به على الإطلاق.”

🔗 المصدر:
https://www.fsis.usda.gov/food-safety/safe-food-handling-and-preparation/meat/hormones-meat


2. الهرمونات لا تُخلط في العلف

📚 حسب تقرير FDA – هيئة الغذاء والدواء الأمريكية:

“لا توجد هرمونات مصرح بها للاستخدام في أعلاف الدواجن. الهرمونات لا تُستخدم إطلاقًا في دجاج اللحم.”

🔗 المصدر:
https://www.fda.gov/animal-veterinary/product-safety-information/animal-antibiotics-and-hormones


3. الهرمونات الجنسية مثل الإستروجين والبروجستيرون لا تحفز النمو العضلي في الطيور

📚 حسب دراسة في مجلة Poultry Science Journal:

“التأثير الفسيولوجي للإستروجين على الطيور يتسبب في تثبيط الوظيفة التناسلية، ولا يُحفز النمو العضلي أو التسمين كما يُشاع.”

🔗 المصدر (دراسة علمية):
https://doi.org/10.3382/ps.2011-01732


4. النمو السريع للدواجن سببه السلالة والتغذية المكثفة

📚 حسب تقرير منظمة الأغذية والزراعة FAO:

“التحسين الوراثي، والإدارة الجيدة، واستخدام الأعلاف عالية الكفاءة، هي الأسباب الرئيسية لزيادة معدلات نمو الدواجن.”

🔗 المصدر:
https://www.fao.org/3/i3531e/i3531e.pdf (ص 15–16)


5. التكلفة المرتفعة للهرمونات تجعل استخدامها غير منطقي

📚 دراسة منشورة في The Poultry Site:

“تكلفة تطبيق برامج هرمونية (إن كانت ممكنة) تُعد باهظة جدًا وغير عملية مقارنة بوسائل التسمين التقليدية.”

🔗 المصدر:
https://www.thepoultrysite.com/articles/do-chickens-really-get-hormones


6. منظمة الصحة العالمية WHO تؤكد حظر استخدام الهرمونات في الدواجن

📚 تصريح رسمي:

“الهرمونات لا تُستخدم في الدواجن إطلاقًا، وأي استخدام لها غير قانوني ويعرض المربي للعقوبات.”

🔗 المصدر:
https://www.who.int/news-room/questions-and-answers/item/antibiotic-resistance-and-food


استخدام الهرمونات في تغذية الدواجن هو مجرد إشاعة لا تستند إلى أساس علمي أو عملي. لا تُستخدم هرمونات منع الحمل أو الهرمونات البنائية في مزارع الدواجن، لا من حيث الجدوى الاقتصادية ولا من حيث الفاعلية.

النمو السريع في الدواجن هو نتيجة السلالات الحديثة والنظم الغذائية المتطورة. لا داعي للقلق، ولكن من المهم التأكد من شراء الدواجن من مصادر موثوقة والاهتمام بسلامة الغذاء.

وأخيراً من المهم كمواطن أولاً وكمستهلك ثانياً أن تتحرى الحقيقة في كل ما يعرض إليك ومن مصادر موثوقة، وفيما يخصنا كأطباء بيطرين عليك أن تثق بأن دواجنك تصل إلى طبقك عبر مراحل محسوبة ومحكومة، لا عبر مؤامرات كيميائية خيالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى